الطنطورية
الطنطورية رضوى عاشور كثيراً ما أفكر فى أمى و أنا أكتب. هى لم تطق فكرة رحيل ولديها فرحلتهما إلى مصر. عاشت فى ظل وهم اختلقته لتعيش. ربما أكون مثلها. ألم أعش سنوات بوهم أن والدك من المخطوفين؟ أنتظر طرقه على الباب فأفتح فأجده أمامى. مكسورا لأنه اضطر أن يمزق بطاقته وينكر أنه فلسطينى ليعيش. ليست الحكاية هى وحدها ما يشغلنى، أطمع فى الصوت، ولأننى أعرف قيمته أريد أن يتاح للآخرين أن يسمعوه. كان الانتقال من مخيم إلى مخيم، أو إستقبال زائر من خارج المخيم يحتاج تأشيرات و سين وجيم. دق مسمار. بناء سقف. إضافة حجرة. كلها محرمات. لأن المخيم يجب ان يبقى مخيماً مؤقتاً تأكيداً على أننا لاجئون. حفاظا على حقنا فى العودة. شكرا ً، الله يكتر خيركم يطالبنى بالتنقيب فى جسمى الحى. لست حقل بترول. وهذه الحفارات التى تخرم طبقات الأرض، تحفر فى روحى. تهت فى الشوارع لأن البيوت المهدمة غيرت معالم المكان لن أرحل عن بيتى. لن أترك بيروت. عناد؟ ربما. بدا أنه قرار اتخذته لا مجال لإعادة النظر فيه. لماذا ؟ لِم لَم أحمل ابنى وابنتى وأنجو بهما بعيدا ًعن هذا المكان الذى صار يقول لى ضمناً: ات...