الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي


الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (الداء والدواء)
ابن قيم الجوزية



وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا (82)

ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء - حديث 

 لم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أنجع - أبلغ - في إزالة الداء من القرآن 

الأدعية والتعوزات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه لا بحدّه، فمتي كان السلاح سلاحاً تاماً لا آفة فيه، والساعد ساعد قوي، والمانع مفقود. حصلت به النكاية في العدو. ومتي تخلف واحد من هذه الثلاث فقد التأثير. فإذا كان الدعاء نفسه غير صالح، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثمّ مانع من الإجابه، لم يحصل الأثر.

"إني لا أحمل همّ الإجابه، ولكن همّ الدعاء. فإذا اُلهمتُ الدعاء فإن الإجابة معه" ~ عمر بن الخطاب

لو لم تُرد نَيلَ ما أرجو وأطلُبه ... من جودِ كفِّك ما عودتَني الطلبا

"إنّ المؤمن أحسن الظن بربه، فأحسن العمل .. وإنّ الفاجر أساء الظن بربه، فأساء العمل" ~ الحسن البصري

حسن الظن بالله هو إيمان بأن الله يجزينا عن إحساننا ولا يخلف وعده أبداً

إن قوماً الهتهم أماني المغفرة حتي خرجوا من الدنيا بغير توبة يقول أحدهم:" إني أحسن الظن بربي"، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل .. الحسن البصري

يقول النبي صلي الله عليه وسلم:(إذ رأيت الله عز و جل يعطي العبد من الدنيا علي معاصيه ما يحب، فإنما هو إستدراج) ثم تلا قوله عز وجل: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44)


فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)
وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)
أي: ليس كل من نعّمتُهُ ووسّعت عليه رزقه أكون قد أكرمته، ولا كل من ابتليته وضيّقت عليه رزقه أكون قد أهنته، بل أبتلي هذا بالنعم، وأُكرم هذا بالإبتلاء

الفرق بين حسن الظن والغرور، حسن الظن يكون إن حمل علي العمل وحثّ عليه وساق إليه فهو صحيح، وإن دعا إلي البطالة والإنهماك في المعاصي فهو غرور

لا تنظر إلي ضغر الخطيئة، ولكن انظر من عصيت - بلال بن سعد

الحياء هو مادة حياة القلب

(إذا لم تستح اصنع ما شئت) فيها تفسيران:
أحدهما:أنه علي التهديد والوعيد، والمعني؛ من لم يستح فإنه يصنع ما شاء من القبائح؛ إذ الحامل علي تركها الحياء، فإذا لم يكن هناك حياء يردعه عن القبائح فإنه يواقعها.
والثاني: أن الفعل إذا لم تستح منه من الله فافعله، وإنما الذي ينبغي تركه هو ما يُستحيا منه من الله

وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)
يُنسي الإنسان نفسه فهو إنساؤه لحظوظها العاليه، وأسباب سعادتها وفلاحها وصلاحها . فلا يخطر بباله، ولا يجعله علي ذكره، ولا يصرف إليه همته فيرغب فيه، فإنه لا يمر بباله حتي يقصده ويؤثره.
وأيضاً ينسيه أمراض نفسه وقلبه وآلامها، فلا يخطر بقلبه مداواتها، ولا السعي في إزالة عللها وأمراضها التي تؤول به إلي النساء والهلاك، فهو مريض مثخن بالمرض

النفس لا تترك محبوباً إلا لمحبوب أعلي منه، أو خشية مكروه حصوله أضر عليها من فوات هذا المحبوب، وهنا يحتاج صاحبه إلي أمرين إن فقدهما أو أحدهما لم ينتفع بنفسه:
أحدهما: بصيرة صحيحة يفرق بها بين المحبوب و المكروه، فيؤثر أعلي المحبوبتين علي أدناهما.
والثاني: قوة عزم وصبر يتمكن به من هذا الفعل والترك، فكثيراً ما يعرف الرجل قدر التفاوت، ولكن يأبي له ضعف نفسه وهمته وعزيمته علي إيثار أشياء لا تنفع من جشعه وحرصه ووضاعة نفسه.

خاصية التعبد: الحب مع الخضوع والذل للمحبوب، فمن أحب محبوباً وخضع له فقد تعبّد قلبه له.

العبد لا يترك ما يحبه ويهواه إلا لما يحبه ويهواه

كل إرادة تمنع كمال الحب لله ولرسوله، وتزاحم هذه المحبه، أو شبهة تمنع كمال التصديق، فهي معارضة لأصل الإيمان أو مضعفه له

أعظم جند الله الملائكه، ولفظ (مَلَك) يُشعر بأنه رسول منفّذ لأمر غيره، فليس لهم من الأمر شيء

لو كان للعالم إلهان لفسد نظامه غاية الفساد، فإن كل إله كان يطلب مغالبة الآخر، والعلو عليه، وتفرّده دونه بالإلهية، إذ الشركة نقص في كمال الإلهية، والإله لا يرضي لنفسه أن يكون إلهاً ناقصاً... وأصل فساد العالم إنما هو من إختلاف الملوك والخلفاء، ولهذا لم يطمع أعداء الإسلام فيه في زمن من الأزمنة إلا في زمن تعدد ملوك المسلمين وإختلافهم، وإنفراد كل منهم ببلاد، وطلب بعضهم العلو علي بعض. فصلاح السماوات والأرض وإستقامتهما وانتظام امر المخلوقات علي أتم نظام أظهر الأدلة علي أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له
مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)



Comments

Popular posts from this blog

Understanding Power: The Indispensable Chomsky

ثورة الأرض

The God Of Small Things