بيتر كامينتسند
بيتر كامينتسند
هرمن هيسَِه
ولما كانت روحي المسكينة الصغيرة خالية ساكنة تنتظر وتتوقع. فقد كتبت أرواح البحيرة و الجبال عليها أعمالها الجريئة الجميلة
في كل مكان صورة صغيرة من الدنيا الكبيرة
وكنت في أيام الطفولة أخاف رياح الفون بل وأكرهها. فلما استيقظت في ضراوة الصبية أحببتها، أحببت هذا الثائر المتمرد، هذا الشاب الذي لا يكهل، هذا المصارع الوقح الذي يأتي بالربيع.
كل هذا من شأنه أن يملأ مرحلة الطفولة ، بل قد يملأ حياة بأسرها عند الضرورة. فكل هذا ينطق عاليًا متصلاً بلغة الله ،على نحو لا تستطيعه على الإطلاق شفاه البشر
كنت كما هو معروف، آمل أن أصنف كتاباً أدبياً كبيراً أقرب فيه إلى الناس في هذه الأيام حياة الطبيعة العظيمة الصامتة، وأحببهم فيها. كنت أريد ان أعلمهم أن ينصتوا إلى خفقة قلب الأرض، وأن يشتركوا في حياة الكل المتكامل وألا ينسوا في زحمة مصائرهم الخاصة الصغيرة، أننا لسنا آلهة، وأننا لم نخلق أنفسنا بأنفسنا، بل أننا أبناء وأجزاء الأرض والكل الكوني كنت أريد أن أذكر الناس بأن الأنهار والبحار والسحب الزاحفة والعواصف مثلها مثل أغنيات الشعراء وأحلام الليالي، رموز وحملة الحنين الذي يبسط جناحيه بين السماء والأرض يهدفف إلى اليقين الذي لا يزعزع من حق المواطن واليقين الذي لا يزعزع من خلود كل ما هو حي. وإن النواة الداخلية العميقة في كل كائن على يقين من هذه الحقوق، فهي خلقة الله، وهي ترقد دونما خوف في حجر الأبدية. أما عنصر السوء والمرض والفساد الذي فينا عنصر المعاندة وهو الذي يؤمن بالموت.
كنت أريد أن أصل بكم إلى أن تخجلوا من أنكم تعرفون عن الحروب الأجنبية وعن الموضة وعن اللغو والغيبة وعن الأدب والفنون، أكثر مما تعرفون عن الربيع الذي يتفتق أمام مدائنكم بنشاط منطلق وعن النهر الذي ينساب تحت كباريكم، وعن الجبال والمروج الرائعة التي يجري فيها قطاركم.
وكما وجدوا هم فيّ إنساناً مساوياً لهم، كذلك أنا شممت في هذا البيت الفقير رائحة وطني ورائحة من هم في رقة من الحال، لم يكن عند هؤلاء الناس وقت لاصطناع العبارات والحركات الرقيقة، ولاتخاذ الأوضاع التمثيلية، ولتمثيل المهازل، كانت الحياة الخشتة الفقيرة المجردة من غطاء الثقافة والاهتمامات العليا المحببة إلى نفوسهم، وكانت عزيزة عليهم لدرجة أنهم لا يفكرون في تغطيتها بعبارات منمقة.

Comments
Post a Comment