كليلة ودمنة
كليلة ودمنة
عبد الله بن المقفع
الحاكم - أي حاكم-، وانطلاقاً من توهمه ألوهية سلطته، يرفض الرأي الناصح المباشر والصريح من المفكر، مهما قربت مكانته منه. ولذلك يحتال المفكر ذو الرأي والأدب، فيعرض الرأي بذلك الأسلوب الرمزي التنكري؛ «ليكون أنسًا لقلوب الملوك»
جعله [الكتاب] على ألسن البهائم والطير صيانة لغرضه فيه من العوام.
فإنه يقال في بعض الأمثال: إنه لن يبلغ أحد مرتبة إلا بإحدى ثلاث: إما بمشقة تناله في نفسه، وإما بوضيعة [بخسارة] في ماله، وإما بوكس [بنقص] في دينه.
وضمّن تلك الأبواب كتابًا واحدًا، وسماه كتاب كليلة ودمنة. وجعل كلامه على ألسن البهائم والسباع والطير، ليكون ظاهره لهوا للعامة. وباطنه رياضة لعقول الخاصة.
فإنه يقال: الرجال ثلاثة: حازم وأحزم منه وعاجز؛ فأحد الحازمين من إذا نزل به الأمر لم يدهش له، ولم يذهب قلبه شعاعا، ولم تعي به حيلته ومكيدته التي يرجو بها المخرج منه؛ وأحزم من هذا المتقدم ذو العدة الذي يعرف الابتلاء قبل وقوعه، فيعظمه إعظامًا، ويحتال له حتى كأنه قد لزمه فيحسم الداء قبل أن يبتلى به، ويدفع الأمر قبل وقوعه. وأما العاجز فهو في تردد وتمن وتوان حتى يهلك.
لا خير في القول إلا مع العمل، ولا في المال إلا مع الجود، ولا في الصدق إلا مع الوفاء، ولا في الحياة إلا مع الصحة، ولا في الأمن إلا مع السرور

Comments
Post a Comment