الحج المبرور
الحج المبرور
الشعراوي
قد يموت الإنسان ولا يحج، ولكن قلبه يظل مشغولاً بالبيت معلقاً به، يتجه إليه خمس مرات كل يوم
قال: قبّل هذا الحجر، وارجم هذا الحجر! فلا في التقبيل تفضيل ذاتي، ولا في الرجم تفضيل ذاتي،ولكنها طاعة لأمر الله..ولذلك فهي لا تخضع لفلسفات العقل، ولكنها تخضع لطاعة الإيمان
في هذا المكان الخالي من وسائل استبقاء الحياة ترك ابراهيم زوجته وإبنه الرضيع ليلفتنا الي قضية كونية.. فعندما انطلق راجعاً امسكت هاجر بزمام دابته وقالت لمن تتركنا؟ فلم يجب إبراهيم.. فقالت هاجر: آلله أمرك بذلك؟ فأشار إليها بنعم، فقالت إذاً لن يضيعنا.
هذه هي القضيه الإيمانيه الأولي.. أن الله إذا أنزلك مكاناً فإنه لن يضيعك.. مهما كانت الأسباب عاجزه عن أن تعطيك
ماذا فعلت هاجر عليها السلام؟ إنها نزلت علي حكم الله وارتضته.. ثم ماذا حدث؟ عطش إبنها الرضيع وارادت أن تسقيه.. في هذه الحاله يجب أن تأخذ بالأسباب وتبحث عن عين ماء، وعليها أن تبذل الجهد وتصعد علي ربوة المروة لتكشف ما حولها علها تجد شجرة، أو طيراً، أو ناساً.. وأسرعت هاجر إلي ربوة الصفا.. فلم تجد ماءاً أو أثراً للحياة.. فرجعت إلي ربوة المروة من جديد فلم تجد شيء.. وعادت إلي الصفا، ثم إلي المروة.. وأخذت تهرول سبع مرات ولكنها لم تجد شيئا.. وكانت هذه الهرولة بين الصفا والمروة أقصي ما تستطيعه قوتها..ولم تك تستطيع أن تزيد عليها فجلست بعد أن نفدت أسبابها، بجوار طفلها.. وإذا بقدم الطفل الصغير تضرب الأرض فينبع منها الماء
هاجر أخذت بالأسباب ولم تعطها..لقد أراد الله بهذه القضية أن تكتمل فصولها ليلفتنا إلي هذه القضية الكونية وهي أنه إذا إستنفدت أسباب الأرض فلا تيأس.. فإن الله سبحانه لن يتركك
إذاً ساعة أمر الله إبراهيم أن يذبح إبنه لم يكن عنده إلا إسماعيل وبُشر بإسحاق بعد ذلك.. ورغم شدة الإبتلاء فإن إبراهيم وإسماعيل سلما لأمر الله واستجابا له.. ولذلك وصف الله إبراهيم بأنه حليم أواب.
إن هذا يلفتنا إلي أننا لو استقبلنا كل حكم من الله بالرضا نأخذ ثواب الطاعة لأمر الله..وفي نفس الوقت فإن الله تبارك وتعالي يرفع عنّا القضاء

Comments
Post a Comment